تفاهمات لوقف التصعيد شرقاً وسط ضغوط سعودية على "الانتقالي"
الرأي الثالث
تواصل السعودية ضغوطها على المجلس الانتقالي الجنوبي ، لسحب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة، شرقي البلاد، وسط إصرار الأخير على البقاء والحفاظ على مكاسبه،
في وقت قال فيه المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي أنور التميمي، إنه تم التوصل إلى تفاهمات بعدم التصعيد.
وفي التطورات، وصل أمس الجمعة إلى العاصمة المؤقتة عدن وفد سعودي إماراتي من قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي يتقدمه اللواء الركن سلطان العنزي واللواء الركن عوض الأحبابي،
في وقت يواصل فيه وفد سعودي برئاسة اللواء محمد القحطاني لقاءاته مع قيادة السلطة المحلية في حضرموت منذ الثالث من ديسمبر/كانون الأول الحالي.
ميدانياً، يواصل أنصار "الانتقالي" اعتصاماتهم الجماهيرية المطالبة بإعلان "الاستقلال" وقيام "الدولة الجنوبية"، وسط ترقب لما ستسفر عنه الجهود السعودية وما إذا كان "الانتقالي" سيرضخ لها مقابل مكاسب سياسية في مجلس القيادة وعلى الأرض.
حراك سعودي في اليمن
وقال المجلس الانتقالي الجنوبي، في بيان نشره على قناته الرسمية، إنّ نائب رئيس مجلس القيادي الرئاسي رئيس "الانتقالي" عيدروس الزبيدي بحث في لقائه مساء الجمعة مع الوفد السعودي الإماراتي، في قصر معاشيق، "سبل توحيد الجهود في مواجهة كافة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة الدولية،
كما استعرض آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب في بلادنا، وتجفيف منابع تمويله، وتنسيق الجهود مع الشركاء في التحالف الدولي لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية، والقضاء على شبكات التهريب".
وفي وقت يسعى فيه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لعقد اجتماع للمجلس في العاصمة السعودية الرياض لبحث التطورات في حضرموت والمهرة،
قال مصدر مقرب من مجلس القيادة الرئاسي إن الوفد السعودي الإماراتي الذي زار عدن يوم الجمعة وجّه دعوة إلى الزبيدي لزيارة الرياض، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيقبل ذلك أم لا، في ظل مخاوف من تصاعد الضغوط عليه إذا ما غادر إلى الرياض وربما يصل الأمر إلى حد منعه من العودة إلى عدن.
ويرى مراقبون أن المجلس الانتقالي الجنوبي يخشى أن يجد نفسه في مواجهة عسكرية أمام السعودية إذا ما واصل رفضه سحب قواته من حضرموت والمهرة، في ظل تأكيد الرياض المستمر على رفضها أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال حضرموت في دوامة صراعات جديدة.
وتشكّل "المجلس الانتقالي" في 2017 برئاسة الزبيدي ويسعى لانفصال جنوب اليمن الذي كان دولة مستقلة عاصمتها عدن قبل الوحدة عام 1990.
وسبق أن خاض الانفصاليون اشتباكات مع قوات موالية للحكومة، لا سيما بين عامي 2018 و2019، حين توصّل الطرفان إلى اتفاق لتقاسم السلطة برعاية سعودية.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي أنور التميمي، إنه تم التوصل إلى تفاهمات مع الوفد السعودي الإماراتي بعدم التصعيد في محافظتي حضرموت والمهرة، شرقي اليمن. وأضاف: "تم بحث جملة من الأفكار وعاد وفد التحالف العربي للتشاور مع قياداتهم، والأجواء كانت إيجابية وواقعية".
ونفى التميمي ما نشرته وسائل إعلام سعودية بشأن التفاهم على انسحاب قوات "الانتقالي" من حضرموت والمهرة،
مشيراً إلى أن النقاشات مع الوفد السعودي الإماراتي تركزت على مبادئ للتهدئة والوصول إلى نقطة التقاء.
وأضاف: "قضية البقاء في حضرموت والمهرة خاضعة للتقديرات العملياتية على الأرض، ومسألة أن يتولى أبناء حضرموت المسؤولية محسومة، ولا يوجد أي اعتراض من أي قوة جنوبية على هذا المبدأ، ووجود القوات الجنوبية هو لإسنادهم في تغطية هذه المناطق الشاسعة".
وبشأن "معركة الحسم" التي أطلقها "الانتقالي" في محافظة أبين جنوباً، تزامناً مع زيارة الوفد السعودي الإماراتي، قال التميمي: "إطلاق العملية جاء بعد قيام بعض القوى الإرهابية بتحريك جيوب لها لإرباك المشهد في حضرموت وربما انتقاماً كما حصل في منطقة عارين في محافظة شبوة، ومن المعلوم أن هذه الجيوب منتشرة في بعض المناطق الصعبة في أبين على شكل مجموعات وخلايا،
وجاء التحرك لتأمين هذه المناطق، بعد معلومات استخبارية لتحرك هذه القوى بدعم من الحوثيين والإخوان".
"الانتقالي" مصرّ على مشروعه
بدوره، قال عضو اللجنة التحضيرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية اليمنية صلاح باتيس، إنّه "بالاطلاع على التصريحات الرسمية لرئيس الوفد السعودي اللواء محمد القحطاني وحديثه مع المرجعيات القبلية وكتلتي النواب والشورى في محافظة حضرموت والتصريحات التي أدلى بها المحافظ سالم الخنبشي والقيادات الحضرمية،
وبالاطلاع على ما كتبته صحيفة الرياض السعودية الرسمية عن أن المملكة في مواجهة الانتقالي، كل هذا يعطي دلالات بأن الانتقالي ما زال يغامر بنفسه وبالقضية الجنوبية وبمستقبله السياسي، وكل هذا ينافي تماماً ما يذكره إعلام الانتقالي وناطقه الرسمي".
وأضاف باتيس: "البيانات الصادرة عن مجلسي النواب والشورى، والبرلمان الذي أدى فيه أعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمن فيهم عيدروس الزبيدي وأبو زرعة (عبد الرحمن) المحرمي وقيادات الانتقالي في مجلس القيادة، اليمين الدستورية أمامهم،
وبالاطلاع على بيان تكتل الأحزاب والمكونات السياسية التي تمثل المكونات المشاركة في الحكومة ومؤسسات الشرعية المختلفة،
وأيضاً اللجنة التحضيرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية التي تمثل عدداً كبيراً من القيادات المجتمعية والقبلية والسياسية والعسكرية والشبابية والنسوية من أبناء المحافظات الشرقية، المتمسكين بخيار الدولة الاتحادية المكونة من ستة أقاليم وفقاً لمخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً؛
كل هذا يؤكد أن الانتقالي يضع نفسه أمام اصطفاف وطني، شعبي ورسمي، وإقليمي ودولي، وهذا يمثل انتحاراً سياسياً لهذا المجلس الذي لا يعرف معنى المعادلة السياسية في المنطقة".
إلى ذلك، عقدت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم السبت، اجتماعها الدوري برئاسة عيدروس الزُبيدي وبحضور نائبه عبد الرحمن المحرمي، عضو مجلس القيادة الرئاسي.
وبحسب بيان رسمي، فقد استعرض الاجتماع نتائج اللقاء الذي عُقد مساء الجمعة مع قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي وما خرج به من تفاهمات.
وذكر البيان أن الزبيدي أوضح في الاجتماع أن "المجلس الانتقالي" ماضٍ بثبات في مشروعه السياسي، الذي قال إنه "بات قريب التحقق"
موضحاً أنّ "المرحلة الحالية تمثل محطة مفصلية في تاريخ الجنوب، وتتطلب تضافر الجهود، والعمل بروح الفريق الواحد، وتعزيز الأداء المؤسسي، بما يسهم في تحسين مستوى الخدمات وتخفيف معاناة المواطنين".
ياسمين الإرياني: ما تفعله الرياض يبدو أقرب إلى طمأنة الحلفاء واحتواء الموقف، وليس الذهاب إلى خطوات فعلية لعكس ما جرى على الأرض
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية للإنتاج المعرفي في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ياسمين الإرياني، إنّه "حتى الآن، ورغم زحمة التحركات وإعادة الانتشار وزيارة وفد عسكري سعودي إلى عدن، إضافة إلى المدة التي قضاها اللواء القحطاني في حضرموت، تظل ردة الفعل السعودية هادئةً أكثر مما هي تصعيدية"،
مضيفة: "ما تفعله الرياض يبدو أقرب إلى طمأنة الحلفاء واحتواء الموقف، وليس الذهاب إلى خطوات فعلية لعكس ما جرى على الأرض".
وأوضحت الإرياني أنه "من الطبيعي أن ترفع السعودية جاهزيتها العسكرية في ظرف كهذا، لكن الحديث عن مواجهة عسكرية يبدو غير مرجح في هذه المرحلة. صحيح أن التنافس الخليجي حاضر جداً في واقع الأزمة اليمنية، لكن لا يوجد مزاج عام في الخليج لدفعه نحو صدام مفتوح".
وبحسب الإرياني، فإن "ما يهم السعودية في النهاية هو الوصول إلى تسوية في اليمن. السعودية تدرك أن أبوظبي ليست لديها رغبة في تحمل عبء ملف اليمن، كما أن السعودية لا ترى نفسها خرجت من اللعبة".
وختمت بالقول: "ما يجري هو بداية مسار طويل، ونحن ما زلنا في مراحله الأولى، وستكون هناك مساحة كبيرة للمناورة قبل أن تستقر الأمور".
صدام الكمالي
صحافي يمني.