أبرز التطورات السياسية والميدانية على الساحة اليمنية
الرأي الثالث
أدان مجلس النواب الموالي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، والتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية الموالية لذات الحكومة، ما قام به المجلس الانتقالي الجنوبي ، من إجراءات أحادية وتحركات عسكرية و”إنشاء هياكل أمر واقع”، مطالبين بإلغاء تلك الإجراءات بشكل عاجل.
في الاثناء، قال رئيس حلف قبائل حضرموت، الشيخ عمرو بن حبريش، إن «استقرار المحافظة لن يتحقق إلا بخروج القوات الوافدة من خارجها»، معتبرًا أن «أبناء حضرموت هم الأقدر على حماية أرضهم والدفاع عنها».
وبين كل ذلك، لم يغادر رئيس وبعض أعضاء الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليًا عدن، بل اختفت عقب مغادرتهم كل رمزيات الحكومة، وهي الصورة التي تتجلى أكثر وضوحًا في محافظتي حضرموت والمهرة،
اللتين بات المجلس الانتقالي الجنوبي يُكرس فيهما وجوده العسكري ككل محافظات الجنوب والشرق، بعد أن فرض رفع العلم التشطيري على كل المرافق الحكومية، مع اعتماد نشيد وطني لا علاقة له بما كان عليه الوضع قبل الوحدة.
وفي سياق ما يمكن اعتباره تكريسًا لوضع جديد، التقى رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزُبيدي، أمس الأربعاء، في القصر الرئاسي بعدن، كلًا على حده، محافظ البيضاء المعيّن من الحكومة، ونائب وزير الأوقاف، ورئيس هيئة الأراضي والمساحة والتخطيط العمراني.
ووفق الأخبار الثلاثة التي نشرها الموقع الالكتروني للمجلس، ولم تنشرها وكالة سبأ بنسختها التابعة للحكومة، فإن المناقشات تناولت تفاصيل يتكرس من خلالها الزُبيدي رئيسًا لدولة جديدة، فكل ما يحمله إعلام الانتقالي، من رسائل يومية للداخل والخارجي، يوحي بذلك.
إزاء هذا الواقع الذي يتعزز حضوره كل يوم، لم تتجاوز الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليًا، مربع اللغة الرافضة والمدينة لما تسميه «الإجراءات الأحادية»
وذلك خلال اللقاءات بالسفراء، حتى سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، لم يصدروا موقفًا واضحًا يدين ما قام به الانتقالي، واكتفوا بدعم وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية.
أما التحالف، فمازال يفضّل الصمت الرسمي، وكأنه لم يكن وراء ولادة الانتقالي (الفجائية) عام 2017، وولادة مجلس القيادة الرئاسي (القيصرية) عام 2022، بل يشعر المراقب لموقف التحالف مما يشهده شرق وجنوب اليمن وكأن ما قام به الانتقالي جاء مباغتًا ولم يكن محسوبًا
بينما الواقع غير ذلك، فالمجلس الانتقالي تأسس وكون هياكله بدعم من التحالف، بل ويعلن مواقفه الانفصالية باستمرار، بل سبق له وخاض نفس المعركة في محافظات أخرى كشبوة وعدن وسقطرى وأبين وغيرها، أي أن ما حصل في حضرموت والمهرة ليس جديدًا.
على صعيد المواقف المتواترة في سياق تصاعد الأزمة الراهنة جراء اقتحام مسلحي الانتقالي وادي حضرموت ومحافظة المهرة، جاء بيان مجلس النواب، أمس الأربعاء، متأخرًا أسبوعًا،
وهو المجلس الذي لم يسمح له الانتقالي بعقد جلسة في مناطق سيطرته، منذ جلسة أداء اليمين الدستورية لأعضاء مجلس القيادة عام 2022، بل كان مناصرو الانتقالي يمنعون حتى اللجان البرلمانية من ممارسة عملها الميداني في تلك المحافظات.
مخالفة صريحة
وأعلن مجلس النواب، الموالي للحكومة المعترف بها دوليًا، «رفضه القاطع لأي إجراءات أحادية أو تحركات عسكرية خارج إطار التوافق الوطني والاتفاقيات المنظمة للعملية السياسية»،
ووصف التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، بأنها «مخالفة صريحة للشرعية الدستورية، وصلاحيات مجلس القيادة الرئاسي».
وأكد المجلس «الالتزام الثابت بالمرجعيات الدستورية والوطنية»، رافضًا «ما حدث من مخالفة صريحة لكل المرجعيات المتوافق عليها، بما في ذلك اتفاق الرياض، وبيان نقل السلطة،
من خلال تحريك قوات عسكرية إلى المحافظات الشرقية، وفرض واقع جديد عبر إجراءات أحادية».
وطالب بـ «إلغاء تلك الإجراءات بشكل عاجل، تفادياً للانزلاق إلى مربع الخطر، فيما الأصل أن تسود لغة الحوار والتفاهم بدلاً من لغة القوة والعنف».
وأكدًّ البيان «على توحيد جهود كافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية في اتجاه واحد يحقق الأمن والاستقرار، ويحفظ مقدرات الشعب اليمني ووحدته وسيادته الوطنية».
كما دعا دول التحالف والمجتمع الدولي، والدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، «إلى رفض الإجراءات الأحادية، ومساندة الشرعية اليمنية».
وكان رئيس حلف قبائل حضرموت، الشيخ عمرو بن حبريش، قد أعلن «رفض أي محاولات لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح في حضرموت»، موضحًا أن «استقرار المحافظة لن يتحقق إلا بخروج القوات الوافدة من خارجها»،
معتبرًا أن «أبناء حضرموت هم الأقدر على حماية أرضهم والدفاع عنها».
وأتهم، في كلمة مصورة هي الأولى له منذ اقتحام قوات الانتقالي وادي حضرموت في الثالث من ديسمبر / كانون الأول الجاري، «مليشيات الانتقالي بتنفيذ هجوم غادر على مواقع قوات حماية حضرموت (التابعة للحلف) مستخدمًا الطائرات المسيّرة والعربات المدرعة وأنواعًا مختلفة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة والمتوسطة وحشود بشرية كبيرة».
وقال «إن ذلك الهجوم جاء بعد ليلة واحدة من توقيع اتفاق بين الحلف والسلطة المحلية».
وأكد ابن حبريش، في كلمة تم بثها، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، على منصات التواصل الاجتماعي، «أننا ثابتون على أرضنا حتى تحقيق الأهداف التي أجمع عليها أبناء حضرموت»، مشيرًا إلى أن «قوات حماية حضرموت موجودة وستواصل أداء مهامها في الدفاع عن حضرموت» مما سماها «الجهات الغازية والمخربة».
وقال إن ما جرى مؤخرًا في حضرموت «تم بتواطؤ واضح من بعض المسؤولين وعملاء الداخل من الحضارم»، مطالبا أبناء حضرموت «برفع الصوت عاليا والمطالبة بإخراج هذه الميليشيات المسلحة».
وبينما نوه بموقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي أكد على أهمية تنفيذ مطالب حضرموت واستحقاقاتها، مشيدًا بما اعتبره الدور البطولي لمحافظ حضرموت سالم الخنبشي، والدور الإيجابي للسعودية في تهدئة الأوضاع ومنع التصعيد.
موقف الرياض
وكان رئيس الوفد السعودي العسكري والأمني الزائر لحضرموت منذ أسبوع، محمد القحطاني، قد أعلن، الثلاثاء، «إنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية وحلف قبائل حضرموت إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة،
وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيدًا عن الصراع من خلال خروج القوات المسيطرة المتواجدة حاليًا في بترومسيلة، وأن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة، بما يضمن تطبيع الحياة».
وجدد «استمرار موقف المملكة على خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الاوضاع الى سابق عهدها».
وعلى الرغم من تأكيد رئيس الوفد السعودي على خروج قوات الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة
إلا أنه لم يصدر عن الانتقالي ما يؤكد موافقته على ذلك باستثناء الأنباء الواردة عن انسحابات من مواقع في الهضبة النفطية الحضرمية، دون تأكيد رسمي باستمرارها، أمس الأربعاء
بينما تؤكد مصادر استمرار الانتقالي في تنفيذ إعادة انتشار لقواته على مستوى محافظات الجنوب والشرق.
وفي تعليق يمني على موقف الرياض قال هاني علي سالم البيض، وهو نجل نائب الرئيس اليمني الأسبق، في تدوينة: “تتعامل الرياض مع الملف الجنوبي بقدر كبير من الحذر، إدراكًا لتشابك معطياته الإقليمية والداخلية، دون أن يُفهم ذلك كإغلاق لأي خيار محتمل مستقبلاً”.
إلى ذلك، إدان التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية الموالية للحكومة المعترف بها دوليًا (باستثناء الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري)، «محاولات المجلس الانتقالي الجنوبي لفرض وقائع جديدة خارج إطار الشرعية ومؤسسات الدولة».
وأكد البيان، الرفض الكامل «للإجراءات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، بما في ذلك تحريك قوات من خارج مناطقها، وإنشاء هياكل أمر واقع، والاعتداء على صلاحيات الحكومة الشرعية باعتبارها المرجعية التنفيذية الوحيدة».
وبينما اعتبر البيان «أن محاولة إخضاع المحافظات الثلاث بالقوة تمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة القرار الأمني والعسكري”
قال “إن ما حصل يعود إلى أسباب، سبق وأن حذّرت منها الأحزاب والمكوّنات الموقعة مرارًا، أهمها: حالة الانقسام في مجلس القيادة الرئاسي، وعدم تنفيذ اتفاق الرياض».
ودعا «إلى احتواء الانقسام والعودة إلى الحوار لحل المسائل الخلافية، بما يحفظ المركز القانوني للدولة”، مشيرًا إلى “أهمية الاتفاق على إطار خاص للقضية الجنوبية يُطرح بصورة مشتركة في أي مفاوضات للحل الشامل».
كما دعا «الشركاء الدوليين إلى اتخاذ موقف واضح يرفض الإجراءات الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي، ويؤكد دعم الشرعية الدستورية ومؤسسات الدولة، ويمنع توفير أي غطاء سياسي أو دبلوماسي لتحركات تتجاوز إطار الدولة».
في المقابل، أوضح بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، أن اجتماعات غروندبرغ في العاصمة السعودية، التي اختتم زيارتها الثلاثاء، «ركزت على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة،
مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعد منطقة حيوية سياسيًا واقتصاديًا».
وشدد المبعوث الأممي «على ضرورة ممارسة جميع الأطراف الفاعلة لضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»
مؤكدا «على ضرورة الحفاظ على مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية، دعمًا للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».
والتقى غروندبرغ بوزير الخارجية في الحكومة المعترف بها دوليا شائع الزنداني، وسفيري السعودية والإمارات لدى اليمن، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.